آخر الأخبار
مقالات رأي
هذا المحتوى يعبّر عن رأي الكاتب وحده، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الكيان.
- الصفحة الرئيسية
- مقالات رأي

مصر على مفترق الطاقة...
-
2025-08-11
-
نانيس محمد حامد اسماعيل
مصر على مفترق الطاقة...
بقلم/د_نانيس حامد
في توقيت يبدو حساسًا سياسيًا واقتصاديًا، تتحرك مصر بقوة في ملف الطاقة، واضعة أمامها هدفًا استراتيجيًا واضحًا: أن تتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط. اتفاقيات ضخمة، ومزايدات عالمية، وتحركات إقليمية تؤكد أن الدولة تراهن على الغاز الطبيعي كرافعة اقتصادية جديدة.
لكن لماذا تتكرر انقطاعات الكهرباء؟ ولماذا ترتفع فواتير الغاز والكهرباء بهذا الشكل؟ وكيف نُصدّر ما لا يكفي الداخل؟
في نهاية يوليو، أعلنت الحكومة عن اتفاق جديد مع شركتي "إيني" الإيطالية و"بي بي" البريطانية، لاستكشاف الغاز في مناطق بحرية شرق المتوسط وبحيرة التمساح. الاتفاق يفتح الباب أمام استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، ويعيد مصر إلى دائرة الضوء كمصدر محتمل ومستقر للطاقة في الإقليم.
كما أعلنت وزارة البترول عن مزايدة دولية على 12 منطقة استكشاف جديدة، من بينها مواقع استراتيجية في البحر الأحمر، ما يعكس خطة طموحة لاستغلال الموارد الطبيعية.
هذه الخطوات ليست مجرد استثمارات، بل رسائل واضحة بأن مصر تملك أوراقًا قوية في سوق الطاقة، وتستعد لتوظيف موقعها الجغرافي والبنية التحتية المتطورة لخدمة السوقين المحلي والدولي.
في المقابل، يشعر المواطن بضغط متزايد، خاصة مع تكرار انقطاعات الكهرباء في مناطق متعددة خلال شهري يوليو وأغسطس، وارتفاع ملحوظ في أسعار الغاز المنزلي وفواتير الكهرباء.
البيوت التي كانت تنتظر استقرارًا في الطاقة بعد وعود طويلة، وجدت نفسها أمام واقع مُربك؛ فلا المؤشرات واضحة، ولا الخدمات مستقرة.
ويعد توسيع دور مصر في تصدير الطاقة هدف مشروع وطبيعي في ظل المتغيرات العالمية، خاصة مع تزايد الطلب الأوروبي على بدائل للغاز الروسي، وتحوّل المنطقة إلى ساحة تنافس إقليمي على النفوذ الطاقي لكن الطموح لا يكتمل إذا غاب التوازن. فمن غير المنطقي أن يشعر المواطن في الداخل بنقص في الخدمة، في الوقت الذي تُعلَن فيه أرقام التصدير والاستكشاف.
تحقيق المكاسب على مستوى الصفقات لا بد أن يوازيه شعور بالتحسن على مستوى المعيشة اليومية، من إنارة البيت، إلى ثبات الفواتير، إلى إحساس بالعدالة في توزيع الموارد،فمصر تمتلك فرصة نادرة لإعادة بناء دورها الإقليمي من خلال الطاقة، ولا شك أن توقيتها الاقتصادي حرج ومليء بالتحديات.
لكن ما سيصنع الفارق ليس فقط حجم ما يُستخرج من الغاز أو عدد الاتفاقيات التي تُوقَّع، بل مدى انعكاس هذه الإنجازات على حياة الناس.
حين يشعر المواطن أن الكهرباء لا تنقطع، وأن السعر في المتناول، وأن الغاز في بيته قبل أن يكون على السفن… فقط حينها يمكن القول إن مصر فعلاً تسير في الاتجاه الصحيح.
فالطاقة اليوم لم تعد مجرد "ملف اقتصادي"، بل أصبحت عمقًا استراتيجيًا يتقاطع مع الأمن القومي والعدالة الاجتماعية معًا.